ونحوهما من المطعومات التي تحصد ، كما يقال ذلك لبروز الرياحين أيضا (١).
و «النوى» من النّواة ، قيل إنّه يخص نوى التمر ، ولعل هذا يرجع إلى كثرة التمر في بيئة العرب حتى كان العربي ينصرف ذهنه إلى نوى التمر إذا سمع هذه الكلمة.
ولننظر الآن إلى ما يمكن في هذا التعبير : ينبغي أن نعلم أنّ أهم لحظة في حياة الحبّة والنّوى هي لحظة الفلق ، وهي أشبه بلحظة ولادة الطفل وانتقاله من عالم إلى عالم آخر ، إذ في هذه اللحظة يحصل أهم تحول في حياته.
وممّا يلفت الانتباه أنّ الحبّة والنّواة غالبا ما تكونان صلبتين ، فنظرة إلى نوى التمر والخوخ وأمثالهما ، وإلى بعض الحبوب الصلبة ، تكشف لنا أنّ تلك النطفة الحياتية التي هي في الواقع صغيرة ، محصنة بقلعة مستحكمة تحيط بها من كل جانب ، وانّ يد الخالق قد أعطت لهذه القلعة العصية على الاختراق خاصية التسليم والليونة أمام اختراق نطفة النبات ، كما منحت النطفة قوة اندفاع تمكنها من فلق جدران قلعتها فتطلع النبتة بقامتها المديدة ، هذه حقّا حادثة عجيبة في عالم النبات لذلك يشير إليها القرآن على أنّها من دلائل التوحيد.
ثمّ يقول : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ).
يتكرر هذا التعبير كثيرا في القرآن مشيرا إلى نظام الموت والحياة وتبديل هذا بذاك ، فمرّة ترى الحياة تنبعث من مواد جامدة لا روح فيها في أعماق المحيطات ومجاهل الغابات والصحارى ، فيخلق من تركيب مواد كل واحدة منها سم قاتل مواد حيوية ، وأحيانا ترى العكس ، فبإجراء تغيير بسيط على كائنات حية قوية مفعمة بالحياة تراها قد تحولت إلى كائن لا حياة فيه.
إنّ موضوع الحياة والموت بالنسبة للكائنات الحية من أعقد المسائل التي
__________________
(١) المصدر نفسه ، ص ١٠٥.