وإحاطته بكل شيء وحفاظه على كل شيء ، وكذلك لإثبات أنّه يختلف عن كل شيء ، تقول : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) أي أنّه الخبير بمصالح عبيده وبحاجاتهم ، ويتعامل معهم بمقتضى لطفه.
في الحقيقة أنّ من يريد أن يكون حافظ كل شيء ومربيه وملجأه لا بدّ أن يتصف بهذه الصفات.
كما أنّ الآية تقول : إنّه يختلف عن جميع الأشياء في العالم ، لأنّ أشياء العالم بعضها يرى ويرى ، كالإنسان ، وبعضها لا يرى ولا يرى كصفاتنا الباطنية ، وبعض آخر يرى ولا يرى ، كالجمادات ، فالوحيد الذي لا يرى ولكنّه يرى كلّ شيء هو الله الواحد الأحد.
* * *
بحوث
هنا نشير إلى بضع نقاط :
١ ـ لا تدركه الأبصار :
تثبت الأدلة العقلية أنّ الله لا يمكن أن يرى بالعين ، لأنّ العين لا تستطيع أن ترى إلّا الأجسام ، أو على الأصح بعضا من كيفيات الأجسام ، فإذا لم يكن الشيء جسما ولا كيفية من كيفيات الجسم ، لا يمكن أن تراه العين ، وبتعبير آخر ، إذا أمكنت رؤية شيء بالعين ، فلأن لهذا الشيء حيزا واتجاها وكتلة ، في حين أنّ الله أرفع من أن يتصف بهذه الصفات ، فهو وجود غير محدود وهو أسمى من عالم المادة المحدود في كل شيء.
في كثير من الآيات ، وعلى الأخص في الآيات التي تشير إلى بني إسرائيل وطلبهم رؤية الله ، نجد القرآن ينفي بكل وضوح إمكان رؤية الله (سوف يأتي