الصّادق عليهالسلام عن الله تبارك وتعالى ، وهل يرى في المعاد؟ فقال : «سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ، يا ابن الفضل ، إنّ الأبصار لا تدرك إلّا ما له لون وكيفية ، والله تعالى خالق الألوان والكيفية» (١).
من الجدير بالانتباه أنّ هذا الحديث يؤكّد كلمة «لون» ونحن اليوم نعلم أنّ الجسم بذاته لا يرى مطلقا ، وإنما الذي نراه هو لونه ، فإذا لم يكن للجسم أي لون فلن يرى.
(في المجلد الأوّل من هذا التّفسير بحث بهذا الشأن في تفسير الآية (٤٦) من سورة البقرة).
٢ ـ الله خالق كل شيء
بعض المفسّرين من أهل السنة ، ممن يذهب إلى الجبر يتخذ من قوله تعالى (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) دليلا على صحة مذهبهم في الجبر ، فيقول : إنّ أعمالنا وأفعالنا من «أشياء» هذا العالم أيضا ، لأنّ كلمة «شيء» تطلق على كل ذي وجود ، ماديا كان أم غير مادي ، وسواء كان من الذوات أم من الصفات ، وعليه عند ما نقول : إنّ الله خالق كل شيء ، لا بدّ لنا أن نقبل أيضا بأنّه خالق أفعالنا ، وهذا هو الجبر بعينه.
بيد أنّ القائلين بحرية الإرادة والإختيار يردون بجواب واضح على أمثال هذه الاستدلالات ، وهو أنّ خالقية الله حتى بالنسبة لأفعالنا لا تتعارض مع حريتنا في الإختيار ، إذ أنّ أفعالنا يمكن أن تنسب إلينا وإلى الله ، فنسبتها إلى الله قائمة على كونه قد وضح جميع مقدمات ذلك تحت تصرفنا ، فهو الذي وهبنا القوة والقدرة والإراده والإختيار ، فما دامت جميع المقدمات من خلقه ، فيمكن أن تنسب أفعالنا إليه باعتباره خالقها ، ولكن من حيث اتخاذ القرار النهائي فإننا بالاستفادة ممّا وهبه الله لنا من القدرة على الإرادة والإختيار نتخذ القرار بأداء
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٧٥٣.