الفعل أو تركه ، فمن هنا تنسب هذه الأفعال إلينا ونكون مسئولين عنها.
وبتعبير الفلاسفة : لا يوجد في هذا المقام علّتان أو خالقان للفعل في عرض واحد.
بل هما ممتدتان طولا ، لأنّ وجود علّتين تامّتين في عرض واحد لا معنى له ، لكنّهما إذا كانا طوليين فلا مانع من ذلك ، ولما كانت أفعالنا تستلزم المقدمات التي وهبها الله لنا ، فيمكن أن ننسب هذه المستلزمات إليه أيضا ، إضافة إلى نسبتها إلى فاعلها.
هذا الكلام أشبه بالذي يريد أن يختبر عماله فيترك لهم الحرية في عملهم واختياراتهم ، ويهيء لهم جميع ما تطلبه عملهم من مقدمات ووسائل ، فطبيعي أن تعتبر أفعالهم منسوبة إلى ربّ العمل ، ولكن ذلك لا يسلبهم حرية العمل والإختيار ، بل يكونون مسئولين عن أعمالهم.
وسنبحث فكرة الجبر والإختيار ـ إن شاء الله ـ بالتفصيل عند تفسير الآيات المرتبطة بالموضوع.
* * *
٣ ـ ما معنى «بديع»؟
سبق أن ذكرنا أن «بديع» تعني موجد الشيء بغير سابق وجود ، أي أنّ الله أوجد السموات والأرض بغير أن يسبق ذلك وجود مادة أو خطة سابقة.
هنا يعترض بعضهم بقوله : كيف يمكن إيجاد شيء من عدم ونحن قد بحثنا هذا في تفسير الآية (١١٧) من سورة البقرة ، وذكرنا ما ملخصه : إنّنا عند ما نقول إنّ الله أوجد الأشياء من العدم لا نعني أنّ المادة الأولية لخلقها هي «العدم» مثلما نقول : إنّ النجار صنع الكرسي من الخشب ، فهذا بالطبع مستحيل ، لأنّ «العدم» لا يمكن أن يكون مادة «الوجود».