الآيتان
(وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (١١٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١١٧))
التّفسير
نعلم أنّ آيات هذه السورة نزلت في مكّة ، يوم كان المسلمون قلّة في العدد ، ولعل قلّتهم هذه وكثرة المشركين وعبدة الأصنام كانت مدعاة لتوهم بعضهم أنّه إذا كان دين أولئك باطلا فلم كثر أتباعه؟! وإذا كان دين الإسلام حقّا ، فما سبب قلّة معتنقيه؟
ولدفع هذا التوهم يخاطب الله نبيّه بعد ذكر أحقيّة القرآن في الآيات السابقة قائلا : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ).
وفي الجملة التّالية يبيّن سبب ذلك ، وهو أنّهم لا يتبعون المنطق والتفكير السليم ، بل هم يتبعون الظنون التي تخالطها الأهواء والأكاذيب ويمتزج بها الخداع والتخمين : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (١).
__________________
(١) «الخرص» هو كل قول أطلق عن ظن وتخمين ، وأصله من تخمين كمية الثمر على الأشجار عند استئجار البستان ، وأمثال