والطعم. فمع أنّ جميعها ينبت من أرض واحدة ويسقى بماء واحد فإن لكل واحدة منها رائحة خاصّة ، ونكهة معينة ، وخاصية تختص بها ، ولا توجد في غيرها : (مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ) (١).
ثمّ يشير سبحانه إلى قسمين آخرين من الثمار عظيمي الفائدة ، جليلي النفع في مجال التغذية البشرية إذ يقول : (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ).
إن إختيار هاتين بالذكر من بين أشجار كثيرة إنّما هو لأجل أن هاتين الشجرتين : (شجرة الزيتون وشجرة الرمان) رغم تشابههما من حيث الظاهر والمظهر تختلفان اختلافا شاسعا من حيث الثمرة ، ومن حيث الخاصية الغذائية ، ولهذا عقّب على قوله ذلك بهاتين الكلمتين : (مُتَشابِهاً ، وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) (٢).
وبعد ذكر كلّ هذه النعم المتنوّعة يقول سبحانه : (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ ، وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ).
ثمّ ينهى في نهاية المطاف عن الإسراف إذ يقول تعالى : (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
«الإسراف» تجاوز حدّ الاعتدال في كل فعل يفعله الإنسان. وهذه الجملة يمكن أن تكون إشارة إلى عدم الإسراف في الأكل ، أو عدم الإسراف في الإنفاق والبذل ، لأنّ البعض قد يسرف في البذل والإنفاق إلى درجة أنّه يهب كل ما عنده إلى هذا وذاك ، فيقع هو وأبناؤه وأهله في عسر وفقر وحرمان!!
بحوث
١ ـ ارتباط هذه الآية بالآيات السابقة
في الآيات السابقة من هذه السورة جرى حديث عن الأحكام الخرافية التي
__________________
(١) الأكل : بضم الألف وضم أو سكون الكاف يعني ما يؤكل.
(٢) تقدم لنا توضيح في هذا المجال عند تفسير الآية (٩٩) من نفس هذه السورة.