الإمام ، والعادي : اللص» (١).
هذه الرّوايات ونظائرها تشير إلى أنّ الاضطرار إلى تناول اللحوم المحرمة يتفق عادة في الأسفار ، فإذا أقدم أحد على السفر في سبيل الظلم أو الغصب أو السرقة ثمّ فقد الطعام الحلال في خلال السفر لم يجز له تناول اللحوم المحرّمة ، وإن كانت وظيفته ـ للحفاظ على حياته من التلف ـ هو التناول من تلك اللحوم ، ولكنّه يعاقب على إثمه هذا ، لأنّه أوجد بنفسه المقدمات لمثل هذا السفر الحرام ، وعلى كل حال فإنّ هذه الرّوايات تنسجم مع المفهوم الكليّ للآية انسجاما كاملا.
جواب على سؤال :
وهنا ويطرح سؤال هو : كيف حصرت جميع المحرمات الإلهية ـ في مجال الأطعمة ـ في أربعة أشياء ، مع أنّنا نعلم بأنّ الأطعمة المحرمة لا تنحصر في هذه الأشياء ، مثل لحوم الحيوانات المفترسة ، ولحوم الحيوانات البحرية (إلّا ما كان له فلس من الأسماك) وما شابه ، فهذه كلّها حرام ، في حين لم يجيء في الآية أي ذكر عن تلك اللحوم ، بل حصرت المحرمات في هذه الأشياء الأربعة؟!
قال البعض في مقام الإجابة على هذا السؤال ، بأنّ هذه الآيات نزلت في مكّة وحكم الأطعمة المحرمة الأخرى لم ينزل بعد.
غير أنّ هذه الإجابة تبدو غير صحيحة ، والشاهد على ذلك أنّ نفس هذا التعبير أو نظيره قد ورد في السور المدنية مثل الآية (١٧٣) من سورة البقرة.
والظاهر أنّ هذه الآية ناظرة ـ فقط ـ إلى نفي الأحكام الخرافية التي كانت شائعة وسائدة في أوساط المشركين ، فالحصر «حصر إضافي» لا حقيقيّ.
وبعبارة أخرى : كأنّ الآية تقول : المحرمات الإلهية هذه ، وليس ما نسجته أوهامكم.
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٦٥ ، ص ١٣٦ و ١٣٧.