وثانيا : الشّحوم الموجودة على جنبيها ، أو بين أمعائها : (أَوِ الْحَوايا) (١).
وثالثا : الشحوم التي امتزجت بالعظم والتصقت به (أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ).
ولكنّه صرّح في آخر الآية بأنّ هذه الأمور لم تكن محرّمة على اليهود ـ في الحقيقة ـ ولكنّهم بسبب ظلمهم وبغيهم حرموا ـ بحكم الله وأمره ـ من هذه اللحوم ولشحوم التي كانوا يحبّونها (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ).
ويضيف ـ لتأكيد هذه الحقيقة ـ قوله : (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) وإن ما نقوله هو عين الحقيقة.
بحثان
١ ـ ماذا كان يقترف بنو إسرائيل؟
لا بدّ أن نرى هنا أي ظلم كان يقترفه بنو إسرائيل أوجب أن يحرّم الله تعالى عليهم هذه النعم التي كانوا يحبّونها؟!
هناك مذاهب متباينة للمفسّرين في هذا الصعيد ، ولكن ما يستفاد من الآية (١٦٠ و ١٦١) من سورة النساء ، هو أنّ علّة التحريم المذكور كان عدة أمور : ظلمهم للضعفاء ، ومعارضتهم للأنبياء ، ومنعهم من هداية الناس ، وأكل الربا ، وأكل أموال الناس بالباطل ، إذ يقول : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ، وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا ، وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ).
٢ ـ ما معنى «إنّا لصادقون»؟
إنّ عبارة (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) التي جاءت في آخر الآية يمكن أن تكون إشارة إلى هذه النقطة وهي : أنّ الصدق والحق في مسألة تحريم هذه الأطعمة هو ما قلناه لا ما قاله اليهود في بعض كلامهم ، وهو أنّ تحريم هذه الأطعمة واللحوم إنّما
__________________
(١) «الحوايا» جمع «حاوية» وهي مجموعة ما يوجد في بطن الحيوان والتي تكون على هيئة كرة تتضمّن الأمعاء.