يعدّ هو الآخر نوعا من الشرك العملي.
إنّ هذا الموضوع يكشف عن أهمية مسألة التوحيد في جميع الأصول والفروع الإسلامية ، وبالتالي يكشف عن أن التوحيد ليس مجرّد أصل عقائدي بحت ، بل يمثّل روح التعاليم الإسلامية برمتها.
٢ ـ التأكيدات المتتابعة
لقد تكرّرت عبارة (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ) للتأكيد عند ختام كل آية من الآيات الثلاث ، مع فوارق في الفواصل طبعا ، فقد ختمت العبارة في الآية الأولى بجملة : (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ، وفي الآية الثّانية بجملة : (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) وفي الآية الثّالثة بجملة : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
ويبدو أنّ هذه التعابير المختلفة إشارة إلى النقطة التّالية وهي : أنّ المرحلة الأولى عند تلقّي أيّ حكم من الأحكام هو مرحلة «التعقل» أي فهم ذلك الحكم وإدراكه.
والمرحلة الثّانية هي : مرحلة «التذكر» وهضم ذلك الحكم وامتصاص مفاده واستيعاب محتواه.
والمرحلة الثّالثة هي : المرحلة النهائية ، وهي مرحلة العمل والتطبيق ، وقد أسماها القرآن بمرحلة «التقوى».
صحيح أنّ كل واحدة من هذه العبارات (والمراحل) جاءت بعد ذكر عدّة تعاليم من التعاليم العشرة ، إلّا أنّه من الواضح أنّ هذه المراحل لا تختص بأحكام معيّنة ، لأنّ كل حكم من الأحكام ، وكل تعليم من التعاليم بحاجة إلى «التعقل» و «التذكر» و «التقوى والعمل» ، إنّما هي رعاية جهات الفصاحة والبلاغة ، التي اقتضت توزيع هذه التأكيدات (والمراحل) في أثناء تلك التعاليم العشرة.