يعملوا عملا صالحا ، لم ينفعهم في ذلك اليوم أن يعملوا عملا صالحا ، لأنّ أوضاعا كتلك تسلب من الإنسان القدرة على ارتكاب الذنب ، وتقوده نحو العمل الصالح بصورة جبرية لا مفرّ منها ، فلا يكون لمثل هذا العمل أية قيمة ذاتية.
ثمّ إنّه في المقطع الأخير من الآية يوجه تهديدا شديدا إلى هؤلاء الأشخاص المعاندين ، إذ يقول بنبرة شديدة : (قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ).
لا فائدة للإيمان بدون عمل :
إنّ من النقاط الهامّة التي نستفيدها من الآية الحاضرة هو أنّ الآية تعتبر طريق النجاة منحصرة في الإيمان ، ذلك الإيمان الذي يكتسب المرء فيه خيرا ويعمل في ظلّه عملا صالحا.
ويمكن أن ينطرح هذا السؤال وهو : هل الإيمان وحده غير كاف ولو خلّي من جميع الأعمال الصالحة؟
ونجيب : صحيح أنّ المؤمن يمكن أن يزلّ أحيانا ويرتكب بعض الذنوب المعاصي ثمّ يندم على فعله ويعمد إلى إصلاح نفسه ، ولكن من لم يعمل أيّ عمل صالح طوال حياته ، ولم يستغل الفرص الكثيرة والكافية لذلك ، بل على العكس من ذلك صدر منه كل قبيح ووقعت منه كل معصية ، واقترف كل إثم ، فإنّه يبدو من المستبعد جدا أن يكون من أهل النجاة ، ومن الذين ينفعهم إيمانهم ، لأنّه لا يمكن أن نصدّق بأنّ شخصا ينتمي إلى دين من الأديان ، ولكنّه لا يعمل بأي شيء من تعاليم ذلك الدين ولا مرّة واحدة في حياته ، بل كان يرتكب خلافها دائما ، إذ أنّ حالته وموقفه هذا دليل قاطع وبيّن على عدم إيمانه ، وعدم اعتقاده.
وعلى هذا الأساس يجب أن يقترن الإيمان ولو بالحدّ الأدنى من العمل الصالح ، ليدلّ ذلك على وجود الإيمان.
* * *