الأمّة ، فهو من باب بيان المصداق (١) ، لأنّه لو لم يذكر هذا المصداق لظن البعض أنّ المقصود بالآية هم الآخرون خاصّة ، وأنّ الضمير عائد إلى غيرهم فيبرّءوا بذلك ساحتهم.
ففي رواية منقولة عن الإمام الباقر عليهالسلام في ذيل هذه الآية ـ على ما في تفسير علي بن إبراهيم ـ قال في تفسيرها : «فارقوا أمير المؤمنين عليهالسلام وصاروا أحزابا» (٢).
وهناك أحاديث أخر رويت عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حول افتراق هذه الأمّة وتشتتها وتشرذمها إلى فرق ذكرها على سبيل التنبؤ ، جميعها تؤيّد هذه الحقيقة أيضا.
٢ ـ بشاعة التفرقة وزرع الاختلاف
هذه الآية تكرّر مرّة أخرى ـ وبمزيد من التأكيد ـ هذه الحقيقة ، وهي أنّ الإسلام دين الوحدة والاتحاد ، وأنّه يرفض كل لون من ألوان التفرقة وإلقاء الاختلاف في صفوف الأمة ، وتقول لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ عملك وبرنامجك لا يشابه عمل المفرقين للصفوف ، ناشري الخلاف فيها مطلقا ، وانهم بالتالي لا يمتون إليك ولا تمت إليهم بصلة أبدا ، وإنّ الله المنتقم الجبار سوف ينتقم منهم ، ويريهم عاقبة أعمالهم الشريرة.
إنّ التوحيد الحقيقي ليس واحدا من أصول الإسلام وقواعده فحسب ، بل إنّ جميع أصول الإسلام وفروعه ، وجميع برامجه المتنوعة ، تدور حول محور التوحيد ، وتنطلق منه وتنتهي إليه التوحيد روح سارية في كيان التعاليم الإسلامية برمتها ، والتوحيد هو الأساس الحضاري الذي تقوم عليه مبادئ الإسلام عامته.
ولكن هذا الدين الذي يتألف من أقصاه إلى أقصاه من عنصر الوحدة
__________________
(١) نور الثقلين ، المجلد الاوّل ، ص ٧٨٣.
(٢) نور الثقلين ، المجلد الاوّل ، ص ٧٨٣.