وامتحانكم ، لأن الاختبار والامتحان الإلهي ـ كما قلنا سابقا ـ يعني «التربية».
وبهذا يجاب على كل اعتراض وإشكال يورد في المقام على أثر الفهم الخاطئ لمفهوم الآية.
خلافة الإنسان في الأرض :
إنّ النقطة الأخرى الجديرة بالاهتمام ، هي أن القرآن الكريم وصف الإنسان مرارا بالخلافة ، وأنّه خليفة الله في أرضه ، أن هذا الوصف ، وهذا التعبير ضمن بيانه لمكانة الإنسان يبين هذه الحقيقة أيضا ، وهي : أن الله تبارك وتعالى هو المالك الأصلي والحقيقي للأموال والثروات والقابليات ، وجميع المواهب الإلهية الممنوحة للإنسان ، وما الإنسان ـ في الحقيقة ـ إلّا خليفة الله وكيل من جانبه ، ومأذون من قبله.
ومن البديهي أن الوكيل ـ مهما كان ـ فهو غير مستقل في تصرفاته ، بل يجب أن تخضع تصرفاته لإذن صاحبها الأصلي ، وتقع ضمن إجازته.
ومن هنا يتضح أن الإسلام ـ مثلا ـ يختلف عن النظام الشيوعي ، وكذا عن النظام الرأسمالي في مسألة المالكية ، لأنّ الفريق الأوّل يخصّص الملكية بالجماعة ، والفريق الثاني يخصصها بالفرد ، بينما يقول الإسلام : الملكية لا هي للفرد ولا هي للمجتمع ، بل هي في الحقيقة لله تعالى ، والناس وكلاء الله ، وخلفاؤه.
وبهذا الدليل نفسه يراقب الإسلام طريقة تصرّف الأفراد في الأموال كسبا وصرفا ، ويضع لكل ذلك قيودا وشروطا تجعل الاقتصاد الإسلامي نظاما متميّزا في مقابل الأنظمة الأخرى.
«ختام سورة الانعام»