القرآن الكريم ، والهدف من ذكر هذا الموضوع ـ كما سبق أن أشرنا في الآية السابقة ـ هو بيان شخصية الإنسان ، ومقامه ، ومنزلته بين كائنات العالم ، وبعث روح الشكر والحمد فيه.
لقد جاء ذكر خلق الإنسان من التراب ، وسجود الملائكة له ، وتمرّد الشيطان وعصيانه ، ثمّ موقفه تجاه النوع الإنساني في هذه السور بتعابير مختلفة.
وفي الآية المبحوثة الآن يقول الله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) جدّكم الأوّل ، ومن المأمورين بالسجود إبليس الذين كان موجودا في صفوفهم وإن لم يكن منهم ، فامتثلوا لهذا الأمر جميعا وسجدوا لآدم إلّا إبليس : (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ).
ويمكن أن يكون ذكر «الخلق» في الآية الحاضرة قبل «التصوير» إشارة إلى : أنّنا أوجدنا المادة الأصلية للإنسان أوّلا ، ثمّ أفضنا عليها الصورة الإنسانية.
بحثان
١ ـ سجود الملائكة لم يكن سجود عبادة
كما قلنا في ذيل الآية (٣٤) من سورة البقرة : إنّ سجود الملائكة لآدم لم يكن سجود عبادة ، لأن العبادة مخصوصة الله سبحانه ، بل السجدة هنا بمعنى التواضع (أي الخضوع أمام عظمة آدم وسموّ منزلته في عالم الخليقة) أو بمعنى السجود لله الذي خلق مثل هذا المخلوق المتعادل المتوازن.
٢ ـ إبليس لم يكن من الملائكة
إنّ «إبليس» ـ كما قلنا في ذيل تلك الآية ـ لم يكن من الملائكة ، بل هو حسب صريح الآيات القرآنية من قسم آخر من الكائنات يدعى «الجنّ» (وللمزيد من التوضيح راجع المجلد الأوّل من هذا التّفسير في الحديث عن