وما كتبه بعض الكتّاب المسلمين من أن آدم كان عاريا منذ البداية ، فهو خطأ بيّن نشأ ممّا ورد في التّوراة المحرفة.
وعلى كل حال فإنّ القرآن يقول : إن آدم وحواء لمّا وجدا نفسيهما عاريين عمدا فورا إلى ستر نفسيهما بأوراق الجنّة : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) (١).
وفي هذا الوقت بالذات جاءهما نداء من الله يقول : ألم أحذّركما من الاقتراب والأكل من هذه الشجرة؟ ألم أقل لكما : إنّ الشيطان عدوّ لكما؟ فلما ذا تناسيتم أمري ووقعتم في مثل هذه الأزمة : (وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ).
من المقايسة بين تعبير هذه الآية والآية الاولى التي أجاز الله فيها لآدم وحواء أن يسكنا الجنّة ، يستفاد بوضوح أنّهما بعد هذه المعصية ابتعدا عن مقام القرب الإلهي إلى درجة أنّ أشجار الجنّة أيضا اضحت بعيدة عنهما. لأنّه في الآية السابقة تمت الإشارة إلى الشجرة بأداة الإشارة القريبة (هذه الشجرة) وأمّا في هذه الآية فقد استعملت مضافا إلى كلمة (نادى) التي هي للخطاب من بعيد ، استعملت (تلكما) التي هي للإشارة إلى البعيد.
بحوث
إنّ في هذه الآية نقاطا لا بدّ من التوقف عندها :
١ ـ كيفية وسوسة الشيطان
يستفاد من عبارة (وسوس له) نظرا إلى حرف اللام (التي تأتي في العادة
__________________
(١) «يخصفان» من مادة «الخصف» وتعني في الأصل ضم شيء إلى شيء آخر ، والجمع ، ثمّ أطلق على ترفيع النعل أو الثواب المتمزق وخياطته فقيل : خصف النعل أو الثوب ، أي جمع الأجزاء المتفرقة وضم بعضها إلى الآخر.