للفائدة والنفع) أنّ الشيطان كان يتخذ صفة الناصح ، والمحبّ لآدم ، في حين أن (وسوس إليه) لا ينطوي على هذا المعنى ، بل يعني فقط مجرّد النفوذ والتسلّل الخفيّ إلى قلب أحد.
وعلى كل حال يجب أن لا يتصور أن الوساوس الشيطانية مهما بغلت من القوة تسلب الإرادة والإختيار من الإنسان ، بل يمكن للإنسان ـ رغم ذلك ـ وبقوّة العقل والإيمان أن يقف في وجه تلك الوساوس ويقاومها.
وبعبارة أخرى : إن الوساوس الشيطانية لا تجبر الإنسان على المعصية ، بل قوّة الإرادة وحالة الإختيار باقية حتى مع الوساوس ، وإنّ مقاومتها تحتاج إلى الاستقامة والصمود الأكثر وربّما إلى تحمّل الألم والعذاب وكذلك فإنّ الوساوس الشيطانية لا تسلب المسؤولية عن أحد ولا تجرّده عنها ، كما نلاحظ ذلك في آدم.
ولهذا نرى أنه رغم جميع العوامل التي حفت بآدم ، ودعته إلى مخالفة أمر الله ونهيه ، وشجعته عليها ، والتي أقامها الشيطان في طريقه ، فإنّ الله سبحانه اعتبره مسئولا عن عمله ، ولهذا عاقبه على النحو الذي سيأتي بيانه.
٢ ـ ماذا كانت الشّجرة الممنوعة؟
جاءت الإشارة إلى الشجرة الممنوعة في ست مواضع من القرآن الكريم ، من دون أن يجري حديث عن طبيعة أو كيفية أو اسم هذه الشجرة ، وأنها ماذا كانت؟ وماذا كان ثمرها؟ بيد أنّه ورد في المصادر الإسلامية تفسيران لها ، أحدهما «ماديّ» وهو أنّها كانت «الحنطة» (١) كما هو المعروف في الرّوايات.
ويجب الانتباه إلى نقطة ، وهي أن العرب تطلق لفظة «الشجرة» حتى على النبتة ، ولهذا أطلقت ـ في القرآن الكريم ـ لفظة الشجرة على نبتة اليقطين ، إذ قال
__________________
(١) وللاطلاع على هذه الرّوايات يراجع تفسير نور الثقلين ، المجلد الأوّل ، الصفحة ٥٩ و ٦٠ والمجلد الثاني ، الصفحة ١١ ، في تفسير آيات سورة البقرة وسورة الأعراف.