النتيجة؟ لقد وبّخهما الله تعالى بشدّة ، وأخرجهما من الجنّة ، ليعيشا في عالم مليء بالعذاب والألم والمحنة».
لقد أراد مفسّر التّوراة والإنجيل هذا أن يبرر شجرة التّوراة الممنوعة ، ولكنّه نسب أعظم الذنوب وهو مضادة الله ومحاربته ـ إلى آدم ... أمّا كان من الأفضل أن يعترف ـ بدل إعطاء مثل هذه التّفسيرات ـ بتطرّق التحريف والتلاعب إلى هذه الكتب المسماة بالكتب المقدّسة؟!
٣ ـ هل ارتكب آدم معصية؟
يستفاد ممّا نقلناه من الكتب المقدّسة ـ لدى اليهود والنصارى ـ أنّهم يعتقدون بأن آدم ارتكب معصية ، بل ترى كتبهم أن معصيته لم تكن معصية عادية ، وإنما كانت معصية كبيرة وإثما عظيما ، بل إن الذي صدر عن آدم هو مضادة الله والطموح في الألوهية والربوبيّة ، ولكن المصادر الإسلامية ـ عقلا ونقلا ـ تقول لنا : إنّ الأنبياء لا يرتكبون إثما ، وإنّ منصب إمامة الناس وهدايتهم لا يعطى لمن يرتكب ذنبا ويقترف معصية. ونحن نعلم أن آدم كان من الأنبياء الإلهيين ، وعلى هذا الأساس فإنّ كل ما ورد في هذه الآيات مثل غيرها من التعابير التي جاءت في القرآن حول سائر الأنبياء الذين نسب إليهم العصيان ، جميعها تعني «العصيان النسبي» و «ترك الأولى» لا العصيان المطلق.
وتوضيح ذلك : أن المعصية على نوعين : «المعصية المطلقة» و «المعصية النسبية» ، والمعصية المطلقة هي مخالفة النهي التحريمي ، وتجاهل الأمر الإلهيّ القطعيّ ، وهي تشمل كلّ نوع من أنواع ترك الواجب وإتيان الحرام.
ولكن المعصية النسبية هي أن يصدر من شخصية كبيرة عمل غير حرام لا يناسب شأنه ولا يليق بمقامه ، وربّما يكون إتيان عمل مباح ـ بل ومستحب ـ لا يليق بشأن الشخصيات الكبيرة ، وفي هذه الصورة يعدّ إتيان ذلك العمل «معصية