فسأل النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اليهود عن سبب احجامهم عن تطبيق الحكم المذكور ، فأجاب (ابن صوريا) بأنّهم كانوا يطبقون هذا الحكم بحقّ العامّة من أبناء طائفتهم ويصونون الأثرياء والوجهاء منهم من تنفيذ هذا الحكم بحقّهم ، فأدى هذا التهاون إلى انتشار الخطيئة المذكورة بين أثرياء اليهود حتى بادر إلى ارتكابها ابن عم لأحد رؤساء الطائفة ، فلم يطبق بحقه الحكم الشرعي بحسب العادة المتبعة لديهم ، وصادف في نفس ذلك الوقت أن ارتكب نفس الخطيئة أحد عامّة الناس من أبناء الطائفة ، فأرادوا تطبيق حكم الرجم بحقّه لكن أقاربه اعترضوا على ذلك ، وقالوا : إذا كان لا بدّ من تنفيذ هذا الحكم فيجب أن ينفذ بحق الاثنين (الوجيه اليهودي والشخص الآخر العادي) ، فعمد عند ذلك علماء الطائفة إلى سنّ حكم أخف من الرجم وهو أن يجلد الزناة ٤٠ جلدة وتسود وجوههم ويركبوا دابة ويطاف بهم في أزقة وأسواق المنطقة!
فأمر النّبي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم على الفور أن يرجم ذلك الرجل الوجيه والمرأة الثرية أمام المسجد (١) وأشهد الله في ذلك الحين بأنّه هو أول شخص يحيي حكم الله بعد أن أماته اليهود.
في تلك الأثناء نزلت الآيتان الأخيرتان وتحدّثنا عن القضية المذكورة بالإيجاز.
التّفسير
التّحكيم بين الأنصار والأعداء :
تدلّ هاتان الآيتان والآيات التي تليهما ، على أنّ للقاضي المسلم الحق ـ في ظل شروطه خاصّة ـ في الحكم في جرائم الطوائف الأخرى من غير المسلمين ،
__________________
(١) ذكرت الرّوايات التي جاء بها (البيهقي) في الجزء الثامن من سننه ، ص ٢٦٦ أن علماء اليهود حين قدموا إلى النّبي كانوا قد جلبوا معهم الرجل والمرأة الزانيين.