(١٠) وقال آخر :
عسى سائل ذو حاجة إن منعته |
|
من اليوم سؤلا أن يكون له غد (١) |
البحث :
الأمثلة المتقدمة جميعها إنشائية ، لأنها لا تحتمل صدقا ولا كذبا ، وإذا تدبرتها جميعها وجدتها قسمين ؛ فأمثلة الطائفة الأولى يطلب بها حصول شىء لم يكن حاصلا وقت الطلب ، ولذلك يسمى الإنشاء فيها طلبيّا. أما أمثلة الطائفة الثانية فلا يطلب بها شىء ، ولذلك يسمى الإنشاء فيها غير طلبىّ.
تدبر الإنشاء الطلبى فى أمثلة الطائفة الأولى تجده تارة يكون بالأمر كما فى المثال الأول ، وتارة بالنهى كما فى المثال الثانى ، وتارة بالاستفهام كما فى المثال الثالث ، وتارة بالتمنى كما فى المثال الرابع ، وتارة بالنداء كما فى المثال الخامس ، وهذه هى أنواع الإنشاء الطلبى التى سنبحث عنها فى هذا الكتاب (٢).
انظر إلى أمثلة الطائفة الثانية تجد وسائل الإنشاء فيها كثيرة ، فقد يكون بصيغ التعجب كما فى المثال السادس ، أو بصيغ المدح والذم كما فى المثال السابع أو بالقسم كما فى المثال الثامن ، أو بلعل وعسى وغيرهما من أدوات الرجاء كما فى المثالين الأخيرين ، وقد يكون بصيغ العقود كبعت واشتريت.
وأنواع الإنشاء غير الطلبىّ ليست من مباحث علم المعانى ، ولذلك نقتصر فيها على ما ذكرنا ولا نطيل فيها البحث.
__________________
(١) لا يليق أن تمنع سائلا أتاك وله حاجة ، فإنك إن منعته فى يومك الذى هو لك فقد يكون له الغد فيجازيك على الحرمان بالحرمان.
(٢) ويكون الإنشاء الطلبى أيضا بالعرض والتحضيض والجمل الدعائية ، ولكنا اقتصرنا على الأنواع الخمسة لاختصاصها بكثير من اللطائف البلاغية.