شبه العود بانسان على طريق الاستعارة المكنية ويصح أن يكون مجازا عقليا على نحو ما قدمنا لك.
وقول حسان بن ثابت :
ان دهرا يلف شملي بجمل |
|
لزمان يهمّ بالإحسان |
وجمل اسم محبوبته ويروى بعدي يقول : إن الدهر الذي يجمع شملي بمحبوبتي لدهر يهمّ بالإحسان على طريق المكنية ولفظ الهم تخييل ويحتمل أن إسناد الهم له مجاز عقلي كإسناد اللف.
٥ ـ التقديم والتأخير :
ظاهر الكلام يقتضي تأخير قوله «فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها» عن قوله :«وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً» لأن إرادة العيب مسببة عن خوف الغصب عليها فكان حقه أن يتأخر عن السبب والجواب على ذلك أنه سبحانه قدم المسبب على السبب للعناية به ولأن خوف الغصب ليس هو السبب وحده ولكن مع كونها للمساكين.
وفي الآية والتي بعدها أيضا أسرار عجيبة أخرى وذلك بمخالفة الضمائر فيهما فقد أسند في الأولى الفعل الى ضميره خاصة بقوله «فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها» وأسنده في الثانية الى ضمير الجماعة والمعظم نفسه في قوله «فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما» و «فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما» ولعل إسناد الأول الى نفسه خاصة من باب الأدب مع الله تعالى لأن المراد أن ثمة عيبا فتأدب بأن نسب الإعابة الى نفسه وأما إسناد الثاني الى الضمير المذكور فالظاهر أنه من باب قول خواص الملك أمرنا بكذا