يتبين لهم ، وفاعل يهد المصدر المفهوم من أهلكنا أي أفلم يتبين لهم إهلاكنا ويحتمل أن يكون فاعل يهد ضميرا عائدا على الله تعالى أي يبين الله والأول أولى لأن يهدي معناه يتبين فهو لازم فالفاعل هو الجملة المنسبكة مصدرا لأهلكنا. وقد أنكر البصريون وقوع الجملة فاعلا وجوزه غيرهم قال القفال : جعل كثرة ما أهلك من القرون مبينا لهم ، قال النحاس : وهذا خطأ لأن كم استفهام فلا يعمل فيها ما قبلها وقال الزجاج : المعنى أولم يهد لهم الأمر باهلاكنا من أهلكناه وحقيقته تدل على الهدى فالفاعل هو الهدى. ولهم متعلقان بيهد وكم خبرية مفعول مقدم لأهلكنا ومن القرون نعت لتمييزكم الخبرية أي كم قرن من القرون والمراد الأمة ، وجملة يمشون في مساكنهم حال من مفعول أهلكنا أو من الضمير في لهم وفي مساكنهم متعلقان بيمشون والضمير يعود على المهلكين بفتح اللام يريد أن قريشا يتقلبون في بلاد عاد وثمود ويعاينون آثار هلاكهم وفيها ما يدعوا الى العبرة والاتعاظ ، وقد رمق أبو الطيب سماء هذا المعنى كما سيأتي في باب البلاغة. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) إن وخبرها المقدم واللام المزحلقة وآيات اسمها المؤخر ، ولأولي صفة لآيات والنهى مضاف اليه وهي جمع نهية بمعنى العقل.
(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى) الواو استئنافية ولو لا حرف امتناع لوجود وكلمة مبتدأ محذوف الخبر وجملة سبقت من ربك صفة لكلمة ومن ربك متعلقان بسبقت ، لكان اللام واقعة في جواب لو لا وكان فعل ماض ناقص واسمها ضمير مستتر تقديره هو يعود على الإهلاك ولزاما خبرها ، وأجل مسمى عطف على كلمة أي ولو لا أجل مسمى لكان الإهلاك لازما لهم ويجوز كما يرى الزمخشري وأبو البقاء أن يكون معطوفا على الضمير المستتر في «كان» أي لكان الإهلاك العاجل وأجل مسمى لازمين لهم كما كانا لازمين لعاد وثمود ومن العجيب ان معظم المفسرين كالجلال والبيضاوي وغيرهما جروا على هذا الوجه رغم