ومن المذهب الكلامي قوله صلى الله عليه وسلم : «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا» وتمام الدليل أن يقال : لكنكم ضحكتم كثيرا وبكيتم قليلا فلم تعلموا ما أعلم ، ومثله قوله مالك بن المرجل الأندلسي :
لو يكون الحب وصلا كله |
|
لم تكن غايته إلا الملل |
أو يكون الحب هجرا كله |
|
لم تكن غايته إلا الأجل |
إنما الوصل كمثل الماء لا |
|
يستطاب الماء إلا بالغلل |
فالبيتان الأولان قياس شرطي والثالث قياس فقهي فإنه قاس الوصل على الماء فكما أن الماء لا يستطاب إلا بعد العطش فالوصل مثله لا يستطاب إلا بعد حرارة الهجر ، وأما الأقيسة الحملية فقد استنبطوها على صور ، منها ما يروى أن أبا دلف قصده شاعر تميمي فقال له :ممن أنت؟ فقال : من تميم ، فقال أبو دلف :
تميم بطرق اللؤم اهدى من القطا |
|
ولو سلكت سبل الهداية ضلت |
فقال التميمي نعم بتلك الهداية جئت إليك فأفحمه بدليل حملي ألزمه فيه أن المجيء إليه ضلال ولعمري إن القياس الشرطي أوضح دلالة في هذا الباب من غيره وأعذب في الذوق وأسهل في التركيب فإنه جملة واقعة بعد لو وجوابها وهذه الجملة على اصطلاحهم مقدمة شرطية متصلة يستدل بها على ما تقدم من الحكم.
وقال ابن رشيق في كتاب العمدة «ذكر ابن المعتز أن الجاحظ سمى هذا النوع المذهب الكلامي قال ابن المعتز : وهذا باب ما علمت اني وجدت منه في القرآن شيئا وهو ينسب الى التكلف تعالى الله عن