يقول : قل رب أهلك الظالمين فعدل عن هذا اللفظ الخاص لما فيه من التنفير الى لفظ الإرداف فقال : «قل رب احكم بالحق» فانه سبحانه إذا حكم بالحق وهو العدل عاقب من يستحق العقاب وأما قول مورد الاشكال : لم عدل عن الأوجز الى الأطول؟ ولو قال رب احكم لكان كافيا ، فليس الأمر كما زعم لأن للحاكم المختار الذي لا شريك له أن يحكم بالفضل فينزل عن حق نفسه وله أن يحكم بالعدل ستوفي حقه وحق غيره وطلب مطلق الحكم لا يوفي بذلك فلهذا عدل من الأوجز الى الأطول ليوفي بالمعنى المراد.
وقد تنخّل عن هذا الجواب أربعة عشر ضربا من البديع اتفقت في هذه الألفاظ الثلاثة وهي :
١ ـ الإرداف الذي قدمنا ذكره.
٢ ـ الإيضاح لأن إيضاح الإشكال الوارد على ظاهر الكلام جاء مدمجا في الإرداف.
٣ ـ التتميم إذ لو وقع الاقتصار على قوله : رب احكم لكان المعنى المراد ناقصا لأن مطلق الحكم لا يوفي بالمقصود كما بينا.
٤ ـ المقارنة لأن الادماج والإيضاح اقترنا في التتميم.
٥ و٦ ـ الافتنان لجمع هذه اللفظات الثلاث بين فنين من الفنون التي يقصدها المتكلمون وهما :
آ ـ فن الأدب في تعليم الحق سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم كيف يدعو على من خالفه دعاء غير منفّر عنه.