البلاغة :
الإيجاز في قوله تعالى «أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ» فظاهر الكلام يوهم أنه استبعد ما وعده الله عز وجل بوقوعه ولا يجوز لأحد بله النبي النطق بما لا يسوغ أو بما في ظاهره الإيهام فجاء الكلام موجزا وتقديره هل تعاد لنا قوتنا وشبابنا فنرزق بغلام؟ أو هل يكون الولد لغير الزوجة العاقر؟ وإذن فالمستبعد هو مجيء الولد منهما بحالهما ولكن الجواب أزال الاشكال إذ قيل له سيكون لكما الولد وأنتما بحالكما.
الفوائد :
اختلف أهل السنة والمعتزلة في الشيء فالمعتزلة يعتقدون أن الشيء يتناول الموجود والمعدوم الذي يصح وجوده فلا يتناول المستحيل إذن أما أهل السنة فلا يتناول الشيء عندهم إلا الموجود ، والآية تشهد لأهل السنة لأن قوله «وَلَمْ تَكُ شَيْئاً» صريحة في ذلك ، وقد رمق المتنبي من طرف خفي بعيد هذا الخلاف ، فاستعمله في وصف الجبان وذلك في قصيدة مستجادة له في مديح سعيد بن عبد الله بن سعيد الكلابي المنبجي وهي مما قاله في صباه قال :
وضاقت الأرض حتى كادها ربهم |
|
إذا رأى غير شيء ظنه رجلا |
وقد غفل شراحه عن حقيقة الخلاف المشتجر بين أهل السنة والاعتزال فذهبوا في تفسير هذا البيت كل مذهب قال ابن القطاع :«قد أوخذ في هذا البيت فقيل : كيف يرى غير شيء ، وغير شيء