الصورة الملكية لنفرت ولم تقدر على استماع كلامه» واستأنف الزمخشري كلامه فقال : «ودل على عفافها وورعها أنها تعوذت بالله من تلك الصورة الجميلة ، الفائقة الحسن ، وكان تمثيله على تلك الصفة ابتلاء لها ، وسبرا لعفتها ، وقيل : كانت في منزل زوج أختها زكريا ولها محراب على حدة تسكنه وكان زكريا إذا خرج أغلق عليها الباب فتمنت أن تجد خلوة في الجبل لتفلي رأسها فانفجر السقف لها فخرجت فجلست في المشرفة وراء الجبل فأتاها الملك».
ونختم هذا الفصل الذي خالفنا فيه شرط كتابنا لأهميته بتذييل للشيخ عبد الرزاق الكاشي وهذا هو نصه : «إنما تمثل لها بشرا سوي الخلق حسن الصورة ، لتتأثر نفسها به فتتحرك على مقتضى الجبلة أو يسري الأثر من الخيال في الطبيعة فتتحرك شهوتها فتنزل كما يقع في المنام من الاحتلام ، وانما أمكن تولد الولد من نطفة واحدة لأنه ثبت في العلوم الطبيعية : أن مني الذكر في تولد الجنين بمنزلة الإنفحة من الجبن ، ومني الأنثى بمنزلة اللبن : أي العقد من مني الذكر والانعقاد من مني الأنثى ، لا على معنى أن مني الذكر ينفرد بالقوة العاقدة ومني الأنثى ينفرد بالقوة المنعقدة بل على معنى أن القوة العاقدة في مني الذكر أقوى ، وإلا لم يمكن أن يتحدا شيئا واحدا ولم ينعقد مني الذكر حتى يصير جزءا من الولد فعلى هذا إذا كان مزاج الأنثى قويا ذكوريا كما تكون أمزجة النساء الشريفة النفس القوية القوى وكان مزاج كبدها حارا كان المني الذي ينفصل عن كليتها اليمنى أحر كثيرا من المني الذي ينفصل عن كليتها اليسرى فإذا اجتمعا في الرحم كان مزاج الرحم قويا في الإمساك والجذب قام المنفصل من الكلية اليمنى مقام مني الرجل في شدة قوة العقد والمنفصل من الكلية اليسرى مقام مني الأنثى في قوة الانعقاد فيخلق الولد.