وقد أطلق على الشيء الذي يحيا به الإنسان ويدرك العقليات والوجدانيات كالحب والبغض والخوف والرجاء ، عدة أسماء منها القلب والروح والنفس واللب ، وهناك مناسبة أخرى للقلب وهي أن قلب الحيوان هو مظهر حياته الحيوانية ومصدرها وللوجدانات النفسية والعواطف تأثير في القلب الحسي يشعر به الإنسان ومهما كانت المناسبة التي كانت سبب التسمية فلفظ القلب يطلق في القرآن بمعنى النفس المدركة والروح العاقلة التي يموت الإنسان بخروجها منه قال تعالى «وبلغت القلوب الحناجر» أي الأرواح لا هذه المضغ اللحمية التي لا تنتقل من مكانها وقال «فتكون لهم قلوب فيعقلون بها» أي نفوس وأرواح وليس المراد أن القلب الحسي آلة العقل وقال «نزل به الروح الأمين على قلبك» أي على نفسك الناطقة وروحك المدركة وليس المراد بالقلب هنا المضغة اللحمية ولا العقل ، لأن العقل في اللغة ضرب خاص من ضروب العلم والإدراك ولا يقال ان الوحي نزل عليه ولكن قد تسمى النفس العاقلة عقلا كما تسمى قلبا ، وقد يعزى الى القلب ويسند اليه ما هو من أفعال النفس أو انفعالاتها التي يكون لها أثر في القلب الحسي كقوله تعالى : «إذا ذكر الله وجلت قلوبهم» وقوله : «ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم» وقوله :«ويذهب غيظ قلوبهم».
وقد افتتحت السورة بالأمر بتقوى الله والنهي عن طاعة الكافرين والمنافقين واتباع الوحي المنزل خاصة وجاء بعد ذلك قوله تعالى «ما جعل الله لرجل من قلبين» فكان المراد منه أن الإنسان لا يمكن أن يكون له قلبان يجمع بهما بين الضدين وهما ابتغاء مرضاة الله وابتغاء مرضاة الكافرين والمنافقين بل له قلب واحد إذا صدق في التوجه الى شيء لا يمكنه أن يتوجه الى ضده بالصدق والإخلاص