منه في سورة النساء الآية (١٥٣) ، وقسم ثالث في الآيات المبحوثة هنا في الآية (١٥٥) من هذه السورة.
ففي الآيات الحاضرة يقول أوّلا : (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ).
ولكن سرعان ما سمع الجواب من جانب المقام الرّبوبي : كلا ، لن تراني أبدا (قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا). (١)
فلمّا رأى موسى هذا المشهد الرهيب تملكه الرعب إلى درجة أنّه سقط على الأرض مغمى عليه (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً).
وعند ما أفاق قال : ربّاه سبحانك ، أنبت إليك ، وأنا أوّل من آمن بك (فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ).
* * *
بحوث
وفي هذه الآية نقاط ينبغي التوقف عندها والالتفات إليها :
١ ـ لماذا طلب موسى رؤية الله؟
إنّ أوّل سؤال يطرح نفسه هنا هو : كيف طلب موسى عليهالسلام ـ وهو النّبي العظيم ومن أولي العزم ـ رؤية الله وهو يعلم جيدا أن الله ليس بجسم ، وليس له مكان ، ولا هو قابل للمشاهدة والرؤية ، والحال أن مثل هذا الطلب لا يليق حتى بالأفراد العاديّين من الناس؟
__________________
(١) «دك» في الأصل بمعنى سوّى الأرض ، وعلى هذا فالمقصود من عبارة «جعله دكّا» هو أنّه حطم الجبال وسواها كالأرض وجاء في بعض الرّوايات أنّ الجبل تناثر أقساما ، سقط كلّ قسم منه في جانب أو غار في الأرض نهائيا.