٤ ـ مم تاب موسى عليهالسلام؟
إنّ آخر سؤال يطرح نفسه هنا هو : أن موسى عليهالسلام بعد أن أفاق قال : (تُبْتُ إِلَيْكَ) في حين أنّه لم يرتكب إثما أو معصية ، لأن هذا الطلب كان من جانب بني إسرائيل ، وكان طرحه بتكليف من الله ، فهو أدى واجبه إذن ، ثمّ إذا كان هذا الطلب لنفسه وكان مراده الشهود الباطني لم يحسب هذا العمل إثما؟؟
ولكن يمكن الجواب على هذا السؤال من جانبين :
الأوّل : أن موسى طلب مثل هذا الطلب بالنيابة عن بني إسرائيل ، ومع ذلك طلب من الله أن يتوب عليه ، وأظهر الإيمان.
الآخر : أنّ موسى عليهالسلام وإن كان مكلّفا بأن يطرح طلب بني إسرائيل ، ولكنّه عند ما تجلى ربّه للجبل واتّضحت حقيقة الأمر ، انتهت مدّة هذا التكليف ، وفي هذا الوقت لا بدّ من العودة إلى الحالة الأولى يعني الرجوع إلى ما قبل التكليف ، وإظهار إيمانه حتى لا تبقى شبهة لأحد ، وقد بيّن ذلك بجملة ، إني (تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ).
٥ ـ الله غير قابل للرؤية مطلقا
إنّ هذه الآية من الآيات التي تشهد بقوة وجلاء أنّ الله غير قابل للرؤية والمشاهدة مطلقا ، لأنّ كلمة «لن» حسب ما هو مشهور بين اللغويين للنفي الأبدي ، وعلى هذا الأساس يكون مفهوم جملة (لَنْ تَرانِي) إنّك لا تراني لا في هذا العالم ولا في العالم الآخر.
ولو أنّ أحدا شكّك ـ افتراضا ـ في أن يكون «لن» للنفي التأبيدي يدل إطلاق الآية ، وكون نفي الرؤية ذكر من دون قيد أو شرط على أن الله غير قابل للرؤية في مطلق الزمان وجميع الظروف.
إنّ الأدلة العقلية هي الأخرى تهدينا إلى هذه الحقيقة ، لأنّ الرؤية تختص