هذا وقد احتمل أيضا في تفسير هذه العبارة من الآية أنّ هذه المواهب وإن كانت في هذه الدنيا ممزوجة بالآلام والمصائب والبلايا ، إلّا أنّها توضع تحت تصرف المؤمنين وهي خالصة من كل ذلك في العالم الآخر (ولكن التّفسير الأوّل يبدو أنّه أنسب).
وفي ختام الآية يقول من باب التأكيد : (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
الزّينة والتّجمل من وجهة نظر الإسلام :
لقد اختار الإسلام ـ كسائر الموارد ـ حدّ التوسط والاعتدال في مجال الانتفاع والاستفادة من أنواع الزينة ، لا كما يظن البعض من أنّ التمتع والاستفادة من الزينة والتجمل ـ مهما كان بصورة معتدلة ـ أمر مخالف للزّهد ، ولا كما يتصور المفرطون في استعمال الزينة والتجمل الذين يجوّزون لأنفسهم فعل كل عمل شائن بغية الوصول إلى هذا الهدف الرخيص.
ولو أننا أخذنا بناء الجسم والروح بنظر الإعتبار ، لرأينا أنّ تعاليم الإسلام في هذا الصعيد تنسجم تماما مع خصائص الروح الإنسانية وبناء الجسم البشري ومتطلباتهما ، واحتياجاتهما الذاتية.
توضيح ذلك : إنّ غريزة حبّ الجمال ـ باعتراف علماء النفس ـ هي إحدى أبعاد الروح الإنسانية الأربعة ، والتي تشكل مضافا إلى غريزة حب الخير ، وغريزة حب الاستطلاع ، وغريزة التّدين ، الأبعاد الأصلية في النفس الإنسانية. ويعتقدون بأنّ جميع الظواهر الجمالية الأدبية والشعرية ، والصناعات الجميلة ، والفن بمعناه الواقعي ، إنّما هو نتيجة هذه الغريزة وهذا الإحساس.
ومع هذا كيف يمكن أن يعمد قانون صحيح إلى خنق هذا الحس المتأصل والمتجذر في أعماق الروح الإنسانية ، ويتجاهل العواقب السيئة في حال عدم