الطريق السليم هو التحمل والجلد وعدم الاكثرات بمثل هذه الأمور. والتجربة خير دليل على أنّ هذا الأسلوب هو الأسلوب الأمثل لمعالجة الجهلة ، وإطفاء النائرة ، والقضاء على الحسد والتعصب ، وما إلى ذلك.
وفي الآية التّالية دستور آخر ، وهو في الحقيقة يمثل الوظيفة الرّابعة التي ينبغي على القادة والمبلغين أن يتحملوها ، وهي أن لا يدعوا سبيلا للشيطان إليهم ، سواء كان متمثلا بالمال أم الجاه أم المقام وما إلى ذلك ، وأن يردعوا الشياطين أو المتشيطنين ووساوسهم ، لئلا ينحرفوا عن أهدافهم.
فالقرآن يقول : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١).
أجمع آية أخلاقية ... :
روي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «لا آية في القرآن أجمع في «المسائل» الأخلاقية من هذه الآية» (٢) «أي الآية الأولى من الآيات محل البحث».
قال بعض الحكماء في تفسير هذا الحديث : إنّ أصول الفضائل الأخلاقية وفقا لأصول القوي الإنسانية «العقل» و «الغضب» و «الشّهوة» تتلخص في ثلاثة أقسام :
١ ـ الفضائل العقلية : وتدعى بالحكمة ، وتتلخص بقوله تعالى : (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ).
٢ ـ والفضائل النّفسية في مواجهة الطغيان والشهوة ، وتدعى بالعفة ، وتتلخص بـ «خذ العفو».
٣ ـ والتسلط على القوة الغضبية ، وتدعى بالشجاعة ، وتتلخص في قوله
__________________
(١) ينزغ مأخوذ من مادة «النزغ» على زنة «النزع» ومعناه الدخول في الأمر لإفساده أو الإثارة ضده! ...
(٢) مجمع البيان ، ذيل الآية.