نزول البلاء بسبب هذه الذنوب ، فيهلك قومك كما هلكت الأمم السابقة جماعات أو متفرقين.
ثمّ تعقيب الآية بالقول : (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
وللمفسّرين احتمالات متعددة في تفسير الجملة آنفة الذكر ، منها أنّ بعض المشركين ندموا على قولهم الذي ذكرته الآية فقالوا : غفرانك ربّنا ، وكان ذلك سببا لأن لا ينزل عليهم العذاب حتى بعد خروج النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من مكّة.
وقال بعضهم : إنّ الآية تشير إلى من بقي من المؤمنين في مكّة ، لأنّ بعضا ممن لم يستطع الهجرة بقي فيها بعد خروج النّبي ، فوجودهم الذي هو شعاع من وجود النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم منع من نزول العذاب.
كما يحتمل أن تكون هذه الجملة التي ذكرتها الآية تتضمّن مفهوم جملة شرطية ، أي أنّهم لو ندموا على فعلهم توجهوا إلى الله واستغفروه فسيرتفع عنهم عقاب الله.
كما لا يبعد ـ في الوقت ذاته ـ الجمع بين هذه الاحتمالات كلّها في تفسير الآية ، أي يمكن أن تكون الآية إشارة إلى جميع هذه الاحتمالات.
وعلى أية حال ، فإنّ مفهوم الآية لا يختصّ بمعاصري النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بل هو قانون عام كليّ يشمل جميع الناس. لهذا فقد روي في مصادرنا عن الإمام علي ، وفي مصادر أهل السنة عن تلميذ الإمام علي «ابن عباس» أنّه قال عليهالسلام : «كان في الأرض أمانان من عذاب الله ، وقد رفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسكوا به. وقرأ هذه الآية» (١).
ويتّضح من الآية ـ محل البحث ، والحديث آنف الذكر ـ أنّ وجود الأنبياء عليهمالسلام مدعاة لأمن الناس من عذاب الله وبلائه الشديد ، ثمّ الاستغفار والتوبة
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار.