المسلمين أكبر من أن نأتي على جميع جوانبه بهذا الاختصار (ولنا كلام بهذا الشأن لدى تفسير الآيات التي تتناول هذا الموضوع إن شاء الله ...).
٢ ـ المبالغة والإغراق في تنزيه الصحابة
حاول بعض إخواننا أهل السنة أن يستنتج من ما أولاه القرآن للمهاجرين السابقين «الأوائل» من اهتمام واحترام ، أنّهم لن يرتكبوا ذنبا إلى آخر عمرهم وحياتهم. وذهبوا إلى إكرامهم واحترامهم جميعا دون استثناء ، ودون الاعتراض على هذا وذاك ، وكيف ذلك؟! ثمّ عمموا هذا القول على جميع الصحابة ـ فضلا عن المهاجرين ـ وذلك لثناء القرآن عليهم في بيعة الرضوان وغيرها ، وذهبوا عملا إلى أنّ الصحابة ـ دون النظر إلى اعمالهم ـ أفراد متميزون. فلا يحق لأيّ شخص توجيه النقد لهم والتحقيق في سلوكهم. يجوز بأيّ وجه أن يوجه النقد إليهم.
ومن جملة هؤلاء المفسّر المعروف صاحب المنار ، إذ حمل في ذيل الآيات محل البحث حملة شعواء على الشيعة ، لأنّهم ينتقدون المهاجرين الأولين ، ولم يلتفت إلى أن مثل هذا الإعتقاد لا يتضاد وروح الإسلام وتاريخه!!
فلا ريب أنّ للصحابة ـ وعلى الخصوص المهاجرين منهم ـ حرمة خاصّة ، إلّا أنّ هذه الحرمة كانت قائمة ما داموا في طريق الحق ويضحّون من أجل الحق ، لكن من المقطوع به أن نظرة القرآن إلى بعضهم أو حكمه قد تغير منذ انحرف عن النهج القويم والصراط المستقيم.
فمثلا ، كيف يمكننا أن نبرئ طلحة والزبير من نقضهما بيعة إمامهما الذي انتخبه المسلمون «بغض النظر عن تصريح النّبي بمقامه وشأنه» وكانا من ضمن المسلمين الذين بايعوه؟ وكيف يمكن تبرأتهما من دماء سبعة عشر ألف مسلم قتلوا في حرب الجمل ، مع أنّه لا عذر لمن يسفك دم إنسان واحد أمام الله مهما