وتشير الآية إلى الشرط الخامس والأخير فتقول : (وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ).
فقلبه مليء بعشق الله ، ولا يحسّ إلّا بالمسؤولية في امتثال أمره ولا يرى لأحد من عبيده أثرا في مصيره ومصير مجتمعه وتقدمه ، هم أقل من أن يكون لهم أثر في عمارة محل للعبادة.
ثمّ تضيف الآية معقبة بالقول : (فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) فيبلغون أهدافهم ويسعون لعمارة المسجد.
* * *
ملاحظات
١ ـ ما المراد من العمارة
هل تعني عمارة المسجد بناءه وتأسيسه وترميمه ، أو تعني الاجتماع فيه والمساهمة في الحضور عنده؟!
اختار بعض المفسّرين أحد هذين المعنيين في تفسير «عمارة المسجد» في الآية ـ محل البحث ـ غير أنّ الآية ذات مفهوم واسع يشمل هذه الأمور وما شاكلّها جميعا. فليس للمشركين أن يحضروا في المساجد ، وليس لهم أن يبنوا مسجدا ـ وما إلى ذلك ـ بل على المسلمين أن يقوموا بكل ذلك.
ويستفاد من الآية ـ ضمنا ـ أنّه لا ينبغي للمسلمين أن يقبلوا من المشركين ـ بل جميع الفرق غير الإسلامية ـ هدايا أو إعانات للمساجد وبنائها ، لأنّ الآية الأولى وإن كانت تتكلم على المشركين ، لكنّ الآية الثّانية بدأت بكلمة «إنما» لتدل على أن عمارة مساجد الله خاصّة بالمسلمين.
ومن هنا يتّضح أيضا أنّ متولي المساجد ومسئوليها ينبغي أن يكونوا من أنزه الناس ، ولا ينتخب لهذه المهمّة من لا حريجة له في الدين طمعا في ماله وثروته ، أو مقامه الاجتماعي كما هو الحال في كثير من البلاد ، إذ تولّى مساجدها