فقال شيبة : إني أعمر المسجد الحرام ، وأنا سادن الكعبة.
فقال علي عليهالسلام : على أنّي مستحي منكما ، فلي مع صغر سني ما ليس عندكما. فقالا : وما ذاك؟!
فقال : جاهدت بسيفي حتى آمنتما بالله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فخرج العباس مغضبا إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شاكيا عليّا فقال : ألا ترى ما يقول؟
فقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أدعو لي عليّا فلمّا جاءه علي قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لم كلّمت عمّك العباس بمثل هذا الكلام؟ فقال عليهالسلام : إذا كنت أغضبته ، فلما بيّنت من الحق ، فمن شاء فليرض بالقول الحق ومن شاء فليغضب.
فنزل جبرئيل عليهالسلام وقال : يا محمّد ، إنّ ربّك يقرؤك السلام ويقول : اتل هذه الآيات : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ) (١).
وقد وردت هذه الرواية بالمضمون ذاته مع اختلاف يسير في التعابير في كتب كثيرة لأهل السنة ، كتفسير الطبري والثعلبي ، وأسباب النّزول للواحدي وتفسير الخازن البغدادي ، ومعالم التنزيل للعلّامة البغوي ، والمناقب لابن المغازلي ، وجامع الأصول لابن الأثير ، وتفسير الفخر الرازي ، وكتب أخرى. (٢)
وعلى كل حال ، فالحديث آنف الذكر من الأحاديث المعروفة والمشهورة ، التي يقرّبها حتى المتعصبون ، وسنتكلم عنه مرّة أخرى بعد تفسير الآيات.
التّفسير
مقياس الفخر والفضل :
مع أنّ للآيات ـ محل البحث ـ شأنا في نزولها ، إلّا أنّها في الوقت ذاته
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ذيل الآيات محل البحث.
(٢) لمزيد الإيضاح يراجع كتاب إحقاق الحق ، ج ٣ ، ص ١٢٢ ـ ١٢٧.