الإلهية ، وتكون دليلا جديدا على قدرة الخالق.
ثمّ يقول القرآن الكريم : إنّ الله تعالى بعد خلق السماوات والأرض أخذ زمام إدارتها بيده (أي ليس الخلق منه فقط ، بل منه الإدارة والتدبير أيضا) فقال تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ).
وهذا جواب لمن يعتقد أنّ الكون محتاج إلى الله تعالى في الخلق والإيجاد دون البقاء.
ما هو العرش؟
«العرش» في اللغة هو ما له سقف ، وقد يطلق العرش على نفس السقف ، مثل قوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) (١).
وربّما يأتي بمعنى الأسرة الكبيرة المرتفعة ، مثل أسرة الملوك والسلاطين ، كما جاء في قصة سليمان : (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها) (٢).
وهكذا يطلق لفظ العرش على الأسقف التي يقيمها المزارعون لحفظ بعض الأشجار ، وبخاصّة المتسلقة منها ، كما نقرأ في القرآن الكريم : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ) (٣).
ولكن عند ما ينسب الى الله سبحانه وتعالى ويقال : عرش الله ، يراد منه مجموعة عالم الوجود ، الذي يعدّ في الحقيقة سرير حكومة الله تعالى.
وأساسا فإنّ عبارة (اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) كناية عن سيطرة حاكم من الحكام على أمور بلده ، كما أنّ المراد من جملة «ثلّ عرشه» هو خروج زمام الأمر من يده وفقدان السيطرة عليه ، وقد استعملت هذه الكناية في اللغة بكثرة إذ
__________________
(١) البقرة ، ٢٥٩.
(٢) النمل ، ٢٨
(٣) الأنعام ، ١٤١.