على العكس تماما ، فإنّ هذه الأموال والأولاد ليست لسعادتهم ، بل (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ).
إنّ هذه الآية ـ كنظيرتها التي مرّت في هذه السورة ، وهي الآية ٥٥ ـ تشير إلى حقيقة ، وهي أن هذه الإمكانيات والقدرات الاقتصادية والقوى الإنسانية للاشخاص الفاسدين ليست غير نافعة لهم فحسب ، بل هي ـ غالبا ـ سبب لابتلائهم وتعاستهم ، لأنّ أشخاصا كهؤلاء لا هم يصرفون أموالهم في مواردها الصحيحة ليستفيدوا منها الفائدة البناءة ، ولا يتمتعون بأبناء صالحين كي يكونوا قرة عين لهم ومعتمدهم في حياتهم. بل إنّ أموالهم تصرف غالبا في طريق الشهوات والمعاصي ونشر الفساد وتحكيم أعمدة الظلم والطغيان ، وهي السبب في غفلتهم عن الله سبحانه وتعالى ، وكذلك أولادهم في خدمة الظلمة والفاسدين ، ومبتلين بمختلف الانحرافات الأخلاقية ، وبذلك سيكونون سببا في تراكم البلايا والمصائب.
غاية الأمر إنّ الذين يظنون أن الأصل في سعادة الإنسان هو الثروة والقوة البشرية فقط ، أمّا كيفية صرف هذه الثروة والقوّة فليس بذلك الأمر المهم ، تكون لوحة حياتهم مفرحة ومبهجة ظاهرا ، إلّا أنّنا لو اقتربنا منها واطلعنا على دقائقها ، وعلمنا أنّ الأساس في سعادة الإنسان هو كيفية الاستفادة من هذه الإمكانيات والقدرات لعلمنا أنّ هؤلاء ليسوا سعداء مطلقا.
* * *
وهنا يجب الانتباه لمسألتين :
١ ـ لقد وردت في سبب نزول الآية الأولى روايات متعددة لا تخلو من الاختلاف.
فيستفاد من بعض الرّوايات ، أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما مات عبد الله بن أبي ـ المنافق المشهور ـ صلى عليه ، ووقف على قبره ودعا له ، بل لفّه بقميصه ليكون كفنا له ،