ليسمحوا لأنفسهم أن يمتنعوا عن الحضور في ميدان الجهاد ، وربّما كان ذلك لأنّهم كانوا يحتملون أن وجودهم بهذه الحالة قد يرغّب المجاهدين في الانضمام إلى جيوش المسلمين ومشاركتهم في أمر الجهاد ، أو أنّهم يكثرون السواد على أقل التقادير.
وبالنسبة للآية الثّانية ورد في الرّوايات أنّ سبعة نفر من فقراء الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وطلبوا منه وسيلة للمشاركة في الجهاد ، ولما لم يكن لدى الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم شيء من ذلك خرجوا من عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأعينهم تفيض من الدمع ، ثمّ عرفوا بعد ذلك بـ «البكّائين».
التّفسير
العشق للجهاد ودموع الحسرة :
هذه الآيات قسمت المسلمين في مجال المشاركة في الجهاد لتوضيح حال سائر المجاميع من ناحية القدرة على الجهاد ، أو العجز عنه ، وأشارت إلى خمس مجموعات : أربع منها معذورة حقيقة وواقعا ، والخامسة هم المنافقون.
الآية الأولى تقول : إنّ الضعفاء ، والعاجزين لكبر أو عمى أو نقص في الأعضاء ، والذين لا وسيلة لهم يتنقلون بها ويستفيدون منها في المشاركة في الجهاد ، لا حرج عليهم إذا تخلفوا عن هذا الواجب الإسلامي المهم : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ). هذه الأقسام الثلاث تعذر في كل قانون إذا لم تشارك ، والعقل والمنطق يمضي هذا التسامح ، ومن المسلم أنّ القوانين الإسلامية لا تنفصل عن المنطق والعقل في أي مورد.
كلمة «الحرج» في الأصل تعني مركز اجتماع الشيء ، ولما كان اجتماع الناس وكثرتهم في مكان ومركز ما ملازم لضيق ذلك المكان ، فقد استعملت هذه الكلمة بمعنى الضيق والإزعاج والمسؤولية والتكليف ، ويكون معناها في هذه الآية هو