أيّ فوز أعلى وأكبر من أن يدرك الإنسان أن خالقه ومعبوده ومولاه قد رضي عنه ، وقد وقّع على قبول أعماله؟ وأي فوز أعلى من أن يحصل الإنسان على مواهب خالدة نتيجة أعمال محدودة يعملها في أيّام هذا العمر الفاني؟
* * *
بحوث
١ ـ موقع السّابقين
في كل ثورة اجتماعية جبارة تقوم ضد أوضاع المجتمع الفاسدة ، فإنّ طلائع الثورة هم أعمدتها ، وعلى عاتقهم يقع حملها وثقلها ، وهؤلاء في الحقيقة هم أوفى عناصر الثورة ، لأنّهم نصروا قائدهم وقدوتهم في أحلك الظروف والتفوا حوله في ساعات المحنة والوحدة رغم أنّهم محاصرون وتحيط بهم أنواع الأخطار إلّا أنّهم لم يتخلوا عن دعمهم ونصرتهم وتضحيتهم. خاصّة وإن مطالعة تاريخ صدر الإسلام تعطي صورة واضحة عن مدى ضخامة المشاكل التي واجهها السابقون والرعيل الأوّل من المسلمين!
كيف كانوا يؤذونهم ويعذبونهم لكنّهم لم يصرخوا ولم يتأوهوا رغم شدة آلامهم ، كانوا يتهمونهم ، يسحبونهم بالسلاسل ، وبالتالي يقتلونهم. ورغم كل ذلك ، فإنّ هؤلاء قد وضعوا قدما في هذا السبيل بإرادة حديدية ، وعشق ملتهب ، وعزم راسخ ، وإيمان عميق ، ووطنوا أنفسهم على تحمل أنواع المخاطر والمصاعب.
ومن بين هؤلاء كان سهم المهاجرين الأوّلين هو الأرجح ، ومن بعدهم الأنصار الأوائل ، أي الذين دعوا النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة واستقبلوه برحابة وأسكنوا أصحابه واعتبروهم كإخوانهم ، ودافعوا عنهم بكل وجودهم ، بل قدموهم حتى على قومهم. وإذا كانت الآية أعلاه قد أولت هذين القسمين اهتماما خاصا ، فلهذه العوامل.