إلّا أنّ القرآن الكريم في الوقت نفسه ـ كما هي طريقته دائما ـ لم يبخس حقّ الآخرين ، وذكر كل الأقسام والفئات الأخرى الذين التحقوا في عصر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الأعصار التالية ، والذين هاجروا ، أو آووا المهاجرين ونصروهم تحت عنوان التابعين بإحسان ، وبشر الجميع بالأجر والجزاء الحسن.
٢ ـ من هم التابعون؟
اصطلح جماعة من العلماء على أنّ كلمة «التابعين» تعني تلامذة الصحابة ، وجعلوها من مختصاتهم ، أي أولئك الذين لم يروا النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكنّهم تصدوا لاكتساب العلوم الإسلامية ووسعوها ، وبعبارة أخرى : إنّهم اكتسبوا علومهم الإسلامية من صحابة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ولكن مفهوم الآية ـ كما قلنا قبل قليل ـ من الناحية اللغوية وإلّا ينحصر بهذه المجموعة ولا يختص بها ، بل يشمل كل الفئات والمجموعات التي اتبعت برامج وأهداف الطلائع الإسلامية والسابقون إلى الإسلام في كل عصر وزمان.
وتوضيح ذلك أنّه على خلاف ما يعتقده البعض من أن الهجرة والنصرة ـ اللتين هما من المفاهيم الإسلامية البناءة ـ مختصتان بعصر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّهما توجدان في كل عصر ـ وحتى في عصرنا الحاضر ـ ولكن بأشكال أخرى ، وعلى هذا فإنّ كل الأفراد الذين يسيرون في هذا المسير ـ مسير الهجرة والنصرة ـ يدخلون تحت هذين المفهومين.
إذن ، المهم أن نعلم أن القرآن الكريم بذكره كلمة (إحسان) يؤكّد على أن اتباع خط السابقين إلى الإسلام ، والسير في طريقهم يجب أن لا يبقى في حدود الكلام والادعاء ، بل وحتى مجرّد الإيمان الخالي من العمل ، بل يجب أن تكون هذه المتابعة أو الاتباع اتباعا فكريا وعمليا وفي كل الجوانب.