ثانيا : إنّ من غير المسلم تاريخيا أنّ أبا بكر هو ثالث من أسلم ، بل ذكروا في كثير من كتب التاريخ والحديث جماعة أخرى أسلمت قبله.
وننهي هذا البحث بذكر هذا المطلب ، وهو أنّ عليا عليهالسلام أشار مرارا وتكرارا في خطبه إلى أنّه أوّل من أسلم ، وأوّل من آمن ، وأوّل من صلّى مع النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبيّن موقعه من الإسلام ، وهذه المسألة قد نقلت عنه في كثير من الكتب.
إضافة إلى أنّ ابن أبي الحديد نقل عن العالم المعروف أبي جعفر الإسكافي المعتزلي ، أن البعض يقول : إذا كان أبو بكر قد سبق إلى الإسلام ، فلما ذا لم يستدل لنفسه بذلك في أي موقف؟ بل ولم يدّع ذلك أي أحد من مواليه من الصحابة. (١)
٤ ـ هل كان الصحابة كلهم صالحين؟
لقد أشرنا سابقا إلى هذا الموضوع ، وإلى أنّ علماء أهل السنة يعتقدون ـ عادة ـ بأن جميع أصحاب النّبي فاضلون وصالحون ومن أهل الجنّة. ولمناسبة الآية لهذا البحث ، والتي جعلها البعض دليلا قاطعا على هذا المدعى ، فإنّنا هنا نحلّل ونفصل هذا الموضوع المهم الذي يعتبر أساسا ومنبعا لاختلاف كثيرة أخرى في المسائل الإسلامية.
إنّ كثيرا من مفسّري أهل السنة نقلوا حديثا في ذيل هذه الآية ، وهو أن حميد بن زياد قال : ذهبت إلى محمّد بن كعب القرظي وقلت له : ما تقول في أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فقال : جميع أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الجنّة ، محسنهم ومسيئهم! فقلت : من أين قلت هذا؟ فقال : اقرأ هذه الآية : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصار) إلى قوله تعالى (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ثمّ قال : لكن قد اشترط في التابعين أن يتبعوا الصحابة في أعمال الخير (ففي هذه الصورة فقط هم من
__________________
(١) الغدير ، ج ٣ ، ص ٢٤٠.