يتامى ، مرضى ... وأمثال هؤلاء ممّن لا قدرة له على العمل ، وهؤلاء يجب تأمين احتياجاتهم عن طريق بيت المال والأغنياء ، لكن هذا التأمين يجب أن يرافقه احترامهم وصيانة شخصياتهم.
ثمّ قالت الآية في النهاية من باب التأكيد : (وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
التّوبة والجبران :
يستفاد من عدّة آيات في القرآن الكريم أنّ التوبة لا تعني الندم على المعصية فحسب، بل يجب أن يرافقها ما يجبر ويكفر عن الذنب ، ويمكن أن يتمثل جبران هذا الخطأ بمساعدة المحتاجين ببذل ما يحتاجونه ، كما هو في هذه الآيات ، وكما مرّ في قصّة أبي لبابة.
ولا فرق في كون الذنب المقترف ذنبا ماليا ، أو أي ذنب آخر ، كما هو الحال في قضية المتخلفين عن غزوة تبوك ، فإنّ الهدف في الواقع هو تطهير الروح التي تلوّثت بالمعصية من آثار هذه المعصية ، وذلك بالعمل الصالح ، وهذا هو الذي يرجع الروح إلى طهارتها الأولى التي كانت عليها قبل الذنب.
وتوكّد الآية التي تليها البحوث التي مرّت بصورة جديدة ، وتأمر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يبلغ الناس : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) فهي تشير إلى أن لا يتصور أحد أنّه إذا عمل عملا ، سواء في خلوته أو بين الناس فإنّه سيخفى على علم الله سبحانه ، بل إنّ الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنين يعلمون به إضافة إلى علم الله عزوجل.
إنّ الالتفات إلى هذه الحقيقة والإيمان بها له أعمق الأثر في تطهير الأعمال والنيات ، فإنّ الإنسان ـ عادة ـ إذا أحسّ بأنّ أحدا ما يراقبه ويتابع حركاته وسكناته ، فإنّه يحاول أن يتصرّف تصرفا لا نقص فيه حتى لا يؤاخذه عليه من يراقبه ، فكيف إذا أحسّ وآمن بأنّ الله ورسوله والمؤمنين يطلعون على أعماله؟!