فإن قيل : من أين علم المسلمون أنّ إبراهيم قد استغفر لآزر؟
قلنا : إن آيات سورة التوبة هذه ـ كما أشرنا في البداية ـ قد نزلت في أواخر حياة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد قرأ المسلمون من قبل في سورة مريم ، الآية (٤٧) أن إبراهيم بقوله : (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) كان قد وعد آزر بالاستغفار ، ومن المسلّم أن نبي الله إبراهيم عليهالسلام لا يعد كذبا ، وكلما وعد وفى بوعده.
وكذلك كانوا قد قرءوا في الآية (٤) من سورة الممتحنة أنّ إبراهيم قد قال له:(لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) وكذلك في الآية (٨٦) من سورة الشعراء ، وهي من السور المكية ، حيث ورد الاستغفار صريحا بقوله : (وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ).
* * *
ملاحظات
١ ـ رواية موضوعة!
إنّ الكثير من مفسّري العامّة نقلوا حديثا موضوعا عن صحيح البخاري ومسلم وكتب أخرى عن سعيد بن المسيب عن أبيه ، أنّه لما حضرت أبا طالب الوفاة أتى إليه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان عنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال له النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا عم ، قل لا إله إلّا الله أحاج لك بها عند الله» ، فالتفت أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية إلى أبي طالب وقالوا : أتريد أن تصبو عن دين أبيك عبد المطلب؟! وكرر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله ، إلّا أنّ أبا جهل وعبد الله منعاه من ذلك. وكان آخر ما قاله أبو طالب : على دين عبد المطلب، وامتنع عن قول : لا إله إلّا الله ، فقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عندئذ : «سأستغفر لك حتى أنهى عنه» فنزلت الآية : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ...) (١).
إلّا أنّ الأدلة والقرائن على كذب ووضع هذا الحديث واضحة ، لما يلي :
__________________
(١) تفسير المنار ، وتفاسير أخرى لأهل السنة.