إِلَّا إِلَيْهِ) فأدركتهم رحمة الله مرّة أخرى ، وسهلت ويسرت عليهم أمر التوبة الحقيقية ، والرجوع إلى طريق الصواب ليتوبوا : (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
* * *
بحوث
وهنا بحوث نلفت النظر إليها :
١ ـ المراد من توبة الله على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
قرأنا في الآية الأولى أن الله سبحانه قد تاب على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والمهاجرين والأنصار ، وقبل توبتهم. ولا شك أنّ النّبي معصوم من الذنوب ، ولم يرتكب معصية ليتوب فيقبل الله توبته ، وإن كان بعض مفسّري العامّة قد اعتبروا التعبير في هذه الآية دليلا على صدور السهو والمعصية من النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أحداث تبوك.
إلّا أنّ التدقيق في نفس هذه الآية وسائر آيات القرآن سيرشدنا إلى عدم صحة هذا التّفسير ، لأن :
أوّلا : إن معنى توبة الله سبحانه رجوعه بالرحمة والرعاية على عباده ، ولا يوجد في هذا المعنى أثر للزلل أو المعصية ، كما قال في سورة النساء بعد ذكر قسم من الأحكام:(يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). ففي هذه الآية والتي قبلها لم يرد حديث عن الزلل والمعصية ، بل الكلام ـ عن تبيين الأحكام والإرشاد إلى سنن الماضين القيمة المفيدة ، وهذا بنفسه يوضح أن التوبة هنا بمعنى شمول رحمة الله سبحانه لعباده.
ثانيا : لقد ورد في كتب اللغة أن أحد معاني التوبة هو ما ذكرناه ، ففي كتاب (القاموس) المعروف ورد في أن هذا هو أحد معاني التوبة ما لفظة : رجع عليه بفضله