السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) فليست السماء والأرض بذاتهما من آيات الله وحسب ، بل إن كل واحدة من الموجودات التي توجد فيهما تعتبر آية بحد ذاتها ، إلّا أنّ الذين يدركون تلك الآيات هم الذين سمت أرواحهم وصفت نتيجة لتقواهم وبعدهم عن المعاصي ، وهم الذين يقدرون على رؤية وجه الحقيقة وجمال المعشوق.
* * *
ملاحظات
وهنا ملاحظات ينبغي الانتباه لها :
١ ـ هناك نقاش طويل بين المفسّرين في الفرق بين كلمتي الضياء والنور ، فالبعض منهم اعتبرهما مترادفتين وأن معناهما واحدا ، والبعض الأخر قالوا : إنّ الضياء استعمل في ضوء الشمس فالمراد به النور القوي ، أمّا كلمة النور التي استعملت في ضوء القمر فإنّها تدل على النور الأضعف.
الرأي الثّالث في هذا الموضوع هو أنّ الضياء بمعنى النور الذاتي ، أمّا النور فإنّه أعم من الضياء ويشمل الذاتي والعرضي ، وعلى هذا فإنّ اختلاف تعبير الآية يشير إلى هذه النقطة. وهي أنّ الله سبحانه قد جعل الشمس منبعا فوّارا للنور ، في الوقت الذي جعل للقمر صفة الاكتساب ، فهو يكتسب نوره من الشمس.
والذي يبدو أنّ هذا التفاوت مع ملاحظة آيات القرآن ، هو الأصح ، لأنا نقرا في الآية (١٦) من سورة نوح : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) وفي الآية (٦١) من سورة الفرقان ، (وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً) فإذا لا حظنا أنّ نور السراج ينبع من ذاته ، وهو منبع وعين للنور ، وأن الشمس قد شبهت في الآيتين بالسراج ، سيتّضح أنّ هذا التفاوت مناسب جدا في الآيات مورد البحث.
٢ ـ هناك اختلاف بين أهل الكتاب وكتّاب اللغة في أن (ضياء) جمع أم مفرد ،