القبيحة والمحرّمة ، بحيث أن الإنسان كلما تلوّث بها أكثر ، فإنّه سيتطبع عليها ، وبمرور الزمن يزول قبحها تدريجيا ، بل وتصل الحال إلى أن يراها حسنة وجميلة.
وأمّا لماذا سمّت الآية أمثال هؤلاء «مسرفين» فلأنّه لا إسراف أكثر من أن يهدر الإنسان أهم رأس مال في وجوده ، إلّا وهو العمر والسلامة والشباب والقوى ، ويصرفه في طريق الفساد والمعصية ، أو في طريق تحصيل متاع الدنيا التافه الفاني ، ولا يربح من ذلك شيئا.
ألا يعد هذا العمل إسرافا ، وأمثال هؤلاء مسرفين؟
* * *
وهنا يجب الالتفات إلى نقطة مهمّة :
الإنسان في القرآن الكريم :
لقد وردت حول الإنسان تعبيرات مختلفة في القرآن الكريم :
فعبّرت عنه آيات كثيرة أنّه «بشر» وعبّرت عنه آيات متعددة بالإنسان ، وفي آيات أخرى «بنى آدم» ، والعجيب أنّ في كثير من الآيات التي عبّرت عنه بالإنسان ، ذكرت صفاته المذمومة وغير الحميدة.
فقد عرفته هذه الآيات بأنّه موجود كثير النسيان وناكر للجميل ، وفي آية أخرى بأنّه موجود ضعيف : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) (١) ، وفي آية أخرى بأنّه ظالم وكافر : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٢) ، وفي موضع آخر أنّه بخيل : (وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) (٣) ، وفي موضع آخر أنّه عجول : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) (٤) وفي مكان
__________________
(١) النساء ، ٣٨.
(٢) إبراهيم ، ٣٤.
(٣) الإسراء ، ١٠٠.
(٤) الإسراء ، ١١.