اللهِ) أي إنّ هذه الأصنام والآلهة تستطيع بشفاعتها أن تكون سببا للضر والنفع رغم عجزها عن أي عمل بصورة مستقلة.
لقد كان الإعتقاد بشفاعة الأصنام أحد أسباب عبادتها ، وكما جاء في التواريخ ، فإنّ عمرو بن لحي كبير العرب عند ما ذهب إلى المياه المعدنية في الشام لمعالجة نفسه بها ، جلب انتباهه وضع عبدة الأصنام ، ولما سأل منهم عن الباعث على هذا العمل والعبادة ، قالوا له: إنّ هذه الأصنام هي سبب نزول الأمطار ، وحل المشاكل ، ولها الشفاعة بين يدي الله ، ولما كان رجلا خرافيا وقع تحت تأثير هذه الأجوبة ، وطلب منهم بعض الأصنام ليأخذها إلى الحجاز ، وعن هذا الطريق راجت عبادة الأصنام بين أهل الحجاز.
إنّ القرآن يقول في دفع هذا الوهم : (قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) وهو كناية عن أن الله سبحانه لو كان له مثل هؤلاء الشفعاء. فإنّه يعلم بوجودهم في أي نقطة كانوا من السماء والأرض ، لأنّ سعة علم الله لا تدع أصغر ذرة في السماء والأرض إلّا وتحيط بها علما.
وبتعبير آخر ، إن ذلك يشبه تماما ما لو قيل لشخص : أعندك مثل هذا الوكيل؟ وهو في الجواب يقول : لا علم لي بوجود هذا الوكيل ، وهذا أفضل دليل على نفيه حيث لا يمكن أن لا يعلم الإنسان بوكيله.
وفي آخر الآية تأكيد لهذا الموضوع حيث تقول : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
لقد بحث موضوع الشفاعة بصورة مفصلة في المجلد الأوّل ذيل الآية (٤٦) من سورة البقرة.
* * *