وفي النهاية تقول الآية بلهجة التهديد : (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) فانتظروا العقاب الإلهي ، وأنا أنتظر النصر!
أو كونوا بانتظار ظهور مثل هذه المعجزات ، وأكون بانتظار عقابكم أيّها المعاندون!.
* * *
ملاحظتان
وهنا ملاحظتان ينبغي الالتفات إليهما :
١ ـ كما أشرنا أعلاه فإنّ كلمة (آية) أي المعجزة ـ وإن كانت مطلقة وتشمل كل أنواع المعاجز ـ إلّا أنّ القرائن تبيّن أنّ هؤلاء لم يطلبوا المعجزة لمعرفة صدق النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل كانوا طلاب معاجز اقتراحية ، أي إنّهم كانوا كل يوم يقترحون على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم معجزة جديدة ويأملون أن يطيعهم في ذلك ، فكأنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إنسان لا عمل له سوى صنع المعجزات ، وهو منتظر لكل من هبّ ودبّ ليقترح عليه شيئا فيحقق له اقتراحه ، غافلين عن أن المعجزة هي من فعل الله سبحانه أوّلا ، ولا تتم إلّا بأمره وإرادته ، وهي ـ ثانيا ـ معجزة لمعرفة أحقّية النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والاهتداء به ، ووقوعها مرّة واحدة كاف لهذا الغرض ، وعلاوة على ذلك فإنّ نبيّ الإسلام قد أظهر من المعجزات القدر الكافي ، فطلب المزيد لا يكون إلّا بدافع الاقتراحات الأهوائية والشهوانية.
والشاهد على أنّ المقصود من (الآية) هنا المعجزات الاقتراحية ، هو :
أوّلا : إنّ نهاية الآية تهدد هؤلاء ، ولو كانوا يطلبون المعجزة لاكتشاف الحقيقة ، فلا وجه لهذا التهديد.
ثانيا : رأينا قبل عدّة آيات أن هؤلاء كانوا عنودين ولجوجين إلى الحد الذي اقترحوا فيه على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يبدل كتابه السماوي ، أو يغير على الأقل الآيات