النهاية تخاطب الآية ـ بأسلوب التهدد ـ مثل هؤلاء الأفراد الذين لا يتبعون أي منطق سليم وتقول : (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ).
* * *
ملاحظات
١ ـ قرأنا في الآيات أعلاه أنّ الله سبحانه وحده الذي يهدي إلى الحق ، وهذا الحصر إمّا لأنّ المقصود من الهداية ليس. هو إراءة الطريق وحسب ، بل هو الإيصال إلى المقصد ، وهذا الأمر بيد الله فقط ، أو لأنّ إراءة الطريق والدلالة عليه هو أيضا من عمل الله في الدرجة الأولى ، وأمّا غيره من الأنبياء والمرشدين والمصلحين الإلهيين فإنّهم يطلعون على طريق الهداية عن طريقه وهدايته ، ويصبحون علماء بتعليمه.
٢ ـ إنّ ما نقرؤه في الآيات أعلاه من أنّ آلهة المشركين لا تستطيع أن تهدي أحدا ، بل هي بذاتها محتاجة إلى الهداية الإلهية ، وإن كان لا يصدق على الأصنام الحجرية والخشبية، لأنّها لا تملك العقل والشعور مطلقا ، إلّا أنّه يصدق تماما في حق الآلهة التي لها شعور كالملائكة والبشر الذين أصبحوا معبودين.
ويحتمل أيضا أن تكون الجملة المذكورة بمعنى القضية الشرطية ، أي على فرض أنّ للأصنام عقلا وشعورا ، فإنّها لا تستطيع أن تجد الطريق بدون الهداية الإلهية لنفسها ، فكيف ستقدر على هداية الآخرين؟
وعلى كل حال ، فإنّ الآيات أعلاه تبيّن ـ بوضوح ـ أنّ من برامج الله الأصلية لعباده أن يهديهم إلى الحق ، ويتمّ ذلك عن طريق منح العقل ، وإعطاء الدروس المختلفة عن طريق الفطرة ، وإرادة وإظهار آياته في عالم الخلقة ، وكذلك عن طريق إرسال الأنبياء والكتب السماوية.
٣ ـ طالعنا في آخر آية من هذه الآيات أنّ أكثر المشركين وعبدة الأصنام يتبعون ظنونهم وأوهامهم ، وهنا يأتي سؤال ، وهو : لماذا لم يقل الله سبحانه : وما