ملاحظتان
١ ـ هل أنّ القلب هو مركز الإحساسات؟
ظاهر الآية الأولى من هذه الآيات ، كما هو ظاهر بعض آيات أخرى من القرآن ، أنّ مركز الأمراض الأخلاقية هو القلب.
إنّ هذا الكلام يمكن أن يعارضه في البداية هذا الإشكال ، وهو أنّنا نعلم أن كل الأوصاف الأخلاقية والمسائل الفكرية والعاطفية ترجع إلى روح الإنسان ، وليس القلب إلّا مضخة أتوماتيكية لنقل الدم وتغذية خلايا البدن.
هذا حقّ طبعا ، فإنّ القلب له وظيفة إدارة جسم الإنسان ، والمسائل النفسية مرتبطة بروح الإنسان ، لكن توجد هنا نكتة دقيقة إذا ما لوحظت سيتّضح رمز هذا التعبير القرآني ، وهي أنّ في جسم الإنسان مركزين كل منهما مظهر لبعض الأعمال النفسية للإنسان ، أي أنّ كلا من هذين المركزين إذا تأثر بالانفعالات النفسية فإنّه سيظهر رد الفعل مباشرة : أحدهما المخ ، والآخر القلب.
عند ما نبحث المسائل الفكرية في محيط الروح ، فإنّ انعكاس ذلك التفكير سيتّضح فورا في المخ ، وبتعبير آخر فإنّ المخ آلة تساعد الروح في مسألة التفكر ، ولذلك فإنّ الدم يدور بصورة أسرع في المخ في حالة التفكير ، وتتفاعل خلايا المخ بصورة أكبر ، وبالتالي سوف تمتص كمية أكبر من الغذاء وترسل أمواجا أكثر.
أمّا عند ما يكون الكلام والبحث حول المسائل العاطفية كالعشق والمحبّة ، والتصميم والإرادة والغضب والحقد والحسد ، والعفو والصفح ، فإنّ نشاطا عجيبا يبدأ في قلب الإنسان ، فأحيانا تشتد ضرباته ، وأحيانا تقل إلى الحد الذي يظن معه أنّه سيتوقف عن العمل ، ونشعر أحيانا أن قلبنا يريد أن ينفجر. كل ذلك نتيجة للارتباط الوثيق للقلب مع هذه المسائل.
لهذه الجهة ينسب القرآن المجيد الإيمان إلى القلب ، فيقول : (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ