فِي قُلُوبِكُمْ) (١). ويعبر عن الجهل والعناد وعدم الإذعان للحق بأنّه عمى القلب : (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٢).
ومن نافلة القول ، فإن مثل هذه التعبيرات ليست مختصة بالقرآن ، بل تلاحظ في أدب اللغات المختلفة في الأزمنة الغابرة ، وتلاحظ اليوم أيضا مظاهر هذه المسألة بأشكال مختلفة. فغالبا ما نقول للشخص الذي نحترمه ونحبّه : إنّ لك مكانا في قلوبنا ، أو أنّ قلوبنا منشدة إليك ، والأدباء يجسدون هذا المعنى ويجعلون سنبلة العشق نابعة من القلب دائما.
كل ذلك لأنّ الإنسان يحس دائما بتأثير خاص في قلبه في حالة العشق والغرام ، أو الحقد والحسد ، أي أنّ أوّل قدحة في هذه المسائل النفسية عند انتقالها إلى الجسم تتجلّى في القلب.
إضافة إلى كل هذا ، فقد أشرنا سابقا إلى أن أحد معاني القلب في اللغة هو عقل وروح الإنسان ، ومعنى ذلك أن القلب لا ينحصر بهذا العضو الخاص الموجود داخل الصدر ، وهذا بنفسه يمكن أن يكون تفسيرا آخر لآيات القلب ، لكن لا جميعها ، لأن بعضها صرحت بأنّها القلوب التي في الصدور ـ دققوا ذلك ـ.
٢ ـ ما هو الفرق بين الفضل والرحمة؟
هناك بحث مفصّل بين المفسّرين في الفرق بين الفضل والرحمة اللذين أشير إليهما في الآية الثّانية.
أ ـ فالبعض اعتبر الفضل الإلهي إلى النعم الظاهرية. والرحمة إشارة إلى النعم الباطنية ، وبتعبير آخر إنّ إحداها النعم المادية ، والأخرى النعم المعنوية. وقد جاءت مرارا في آيات القرآن جملة : (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) أو (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ)
__________________
(١) الحجرات ، ١٤.
(٢) الحج ، ٤٦.