منصف ، ولا مجال لتبرئة الخليفة الثّالث ممّا نال من أبي ذر من الأذى أبدا ، والمنطق الحق يدين أعمال عثمان.
جزاء من يكنز!
في الآية التّالية إشارة الى واحد ممّا يحيق بمثل هؤلاء ممّن يكنز المال في العالم الآخر ، إذ تقول الآية : (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ).
ويخاطبهم ملائكة العذاب وهم في هذا الحال : (هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ).
وهذه الآية توكّد مرّة أخرى هذه الحقيقة ، وهي أنّ أعمال الإنسان لا تمضي سدى ، بل تبقى وتتجسّد له يوم القيامة ، وتكون مدعاة سروره أو مدعاة شقائه.
وهناك كلام بين المفسّرين في سبب ذكر الجباه والظهور والجنوب وحدها من بين سائر أعضاء الجسم.
غير أنّه روي عن أبي ذرّ رضى الله عنه أنّه كان يقول : «حتى يتردد الحرّ في أجوافهم»
أي أن الحرارة المحرقة التي تمس هذه الأعضاء الثلاثة تنفذ الى سائر الجسم وتستوعبه كلّه.
كما قيل : إنّ الوجه في ذكر هذه الأعضاء الثلاثة دون غيرها ، هو أنّ أصحاب المال حين كان يأتيهم المحروم أو الفقير ، كان ردّ فعلهم يظهر على جباههم أحيانا ، فيظهرون عدم الاعتناء بهم ، وتارة ينحرفون عنهم ، وتارة يديرون ظهورهم لهم ، فهذه الأعضاء الثلاثة تكوى في نار جهنم ، بما حمي عليه من الذهب أو الفضة وما كنزوه دون أن ينفقوه في سبيل الله.
ومن نافلة القول أن نشير الى لطيفة بلاغية ، في الآية محل البحث وهي التعبير بـ «يوم يحمى عليها» أي يحمى على الذهب والفضة ، والتعبير المطّرد أن يقال : يوم